علم نفس التداول هو العلم الذي يدرس سيكولوجية المستثمر. والمشاعر والمهارات التي يجب عليه التحلي بها. وبقدر ما ينبغي على المستثمر أن يكون سريع الذكاء. ولكنه أيضًا بحاجة إلى ممارسة درجة عالية من التوازن الانفعالي وضبط المشاعر عند متابعة أسعار الأسهم، واتخاذ القرارات الاستثمارية. وبشكل أكبر عليه مراعاة شعوره الغريزي تجاه فرص تداول معينة، وكذلك عند تذبذب أسعار الأسهم، أو حدوث أزمات مالية طارئة قد تعصف بأسواق المال.
كلما امتلك المستثمر رؤية استشرافية، وخطة مالية واضحة للاستثمار في سوق المال. كلما كان أقدر على التركيز. وتمالُك النفس عند حدوث أزمات طارئة في سوق المال. المتداول الذكي هو الذي يمتلك قدرة كافية على التحكم بعواطفه، ويضبط نفسه بحيث ألا ينساق وراء هواجس نفسية عند الحاجة لاتخاذ قرارات استثمارية مهمة في سوق المال.
اقرأ مقال: رهاب البدايات
المشاعر التي تؤثر في التداول
أبرز المشاعر التي تؤثر سلبًا على المتداول في سوق المال. هي مشاعر الخوف والجشع والأمل والندم. وفي حال سيطرت تلك المشاعر على نفسية المتداوِل فإنها حتمًا ستدفعه لاتخاذ القرار الاستثماري الخاطئ.
مشاعر الخوف والقلق هي أسوأ أعداء المتداولين، حيث تؤدي سيطرة الخوف على نفسية المتداوِل إلى شعوره بالفشل. والتردد في اتخاذ قرار الاستثمار، والانسحاب من الصفقات المالية قبل تمكنه من تحقيق الأهداف. ورغم أن المتداول يمتلك في كثير من الأحيان استراتيجية تداول مُحكَمة إلا أن الخوف والقلق يحولان دون قدرته على مواصلة تطبيق هذه الاستراتيجية المالية.
- أولًا: الخوف.
الشعور بالخوف والقلق يدفع المتداول للقيام بأي خطوة لإيقاف الخسائر الناتجة عن تقلبات الأسعار. والأزمات الطارئة في أسواق المال. وفي حالات متقدمة من هيمنة مشاعر الخوف على تفكير المتداوِل عند حدوث تقلبات كبيرة في الأسعار يبدأ باتخاذ قرارات متسرعة و خاطئة تؤدي به في نهاية المسار الاستثماري إلى خسائر مالية كبيرة.
المشكلة الأكبر في تملك مشاعر القلق والخوف على المتداوِل أنها قد تغرس في عقله الباطن ضعف ثقته بنفسه مع مرور الوقت. وتزرع الشك بنجاح استراتيجيته المُخكَمة للتداول وصولًا إلى اتخاذه قرارًا بإنهاء استثماره في التداول بشكل نهائي.
من المهم للمتداول أن يحافظ على هدوء أعصابه خاصة عند حدوث أزمات طارئة في أسواق المال. وأن يفهم أن التداول لا يشكل تهديدًا لمستقبله الاستثماري. وأن أسواق المال سرعان ما تتعافى في المستقبل القريب، وأن يضع أهدافه المالية، واستراتيجيته للتداول نُصب عينيه. ويهتم بشكل أكبر في جمع المعلومات الكافية التي تعينه على فهم ودراسة أسواق المال بشكل أكبر.
اقرأ مقال: النصائح الذهبية للمتداولين المتقاعدين
- ثانيًا: الجشع.
يعد الجشع والطمع في اكتساب المزيد والمزيد من الأرباح دون توقف من المشاعر السيئة التي قد تهمين على عقلية المتداوِل. وقد تؤدي به إلى اتخاذ قرارات استثمارية خاطئة في صفقات مالية غير مضمونة النتائج. ما يؤدي به في نهاية المطاف إلى خسائر استثمارية كبيرة نتيجة التقلبات السريعة في أسواق المال.
قدرة المتداوِل على التغلّب على مشاعر الجشع والطمع ليس بالأمر السهل. لكن تمسّكه بالخطة المالية، والاستراتيجية الاستثمارية التي وضعها المتداوِل في بداية مشروعه الاستثماري قد تساعده على التوقف قليلًا. والتفكير جيدًا قبل اتخاذ أي قرار استثماري جديد، كما أن الفهم العميق لأسباب تذبذب الأسعار وتقلبات أسواق المال يساعده على التأني في اتخاذ قرارات الاستثمار.
وأخيرًا من المهم أن ندرك أن تملك مشاعر الجشع على نفسية المتداوِل تشبه إلى حد كبير تلك المشاعر التي تهيمن على نفسية المقامِر. وقد تؤدي به إلى الإفراط في التداول طمعًا في جني الثروات. فيستيقظ المتداوِل من تلك الحالة النفسية في نهاية المطاف وسط خسائر مالية كبيرة تدفعه نحو الخروج القسري وبشكل نهائي من سوق التداول.
- ثالثًا: الأمل.
الشعور بالأمل ورغم أهميته على صعيد الحياة المستقبلية. ولكن في أسواق التداول ينبغي التعامل معه بحذر شديد. فالتفاؤل الزائد قد يطمس بعض الحقائق الظاهرة بوضوح أمام أعين المستثمر. اتخاذ القرارات الاستثمارية يعتمد على القيام بدراسة واقعية للأسهم وأسواق المال أكثر من الاعتماد على آمال وطموحات مستقبلية قد تكون وهمية في كثير من الأحيان.
التكلفة المالية للإفراط في الأمل والتفاؤل بعيدًا عن الواقع قد تكون باهظة الثمن بشكل لا يستطيع المتداول تحمّل خسائرها المالية. وهو بحاجة إلى التحقق قبل اتخاذ أي قرار استثماري. والحذر من مشاعر الأمل الزائفة دون الاعتماد على دراسة حقيقية وعميقة لسوق التداول.
اقرأ مقال: كيف تبني ثروة في سن الشباب؟
- رابعًا: الندم.
قد تهيمن على المتداوِل مشاعر الندم نتيجة اتخاذه قرارات استثمارية خاطئة. ودخوله في صفقات مالية خاسرة، وقد تترك هذه المشاعر السلبية وأثرها المستقبلي على المتداول، وتغرس ضعف الثقة في نفسه، والتردد مستقبلًا في اتخاذ قرارات استثمارية تحقق له مكاسب مالية.
الشعور بالندم قد يؤدي بالمتداوِل إلى حالة من التثبيط والإحباط النفسي، والخوف من الدخول في صفقات استثمارية جديدة. ما يعني عمليًّا نهاية مشروعه الاستثماري في التداول، والتخلص من تلك المشاعر السلبية ينبغي على المتداول الحفاظ على انضباطه النفسي، وعدم الندم، أو التردد في اتخاذ القرارات الاستثمارية الناجحة التي تعززها المعلومات الحقيقية، والدراسة الواقعية لسوق المال.
عقلية التداول
من المهم أن يمارس المتداوِل أقصى درجات الانضباط النفسي، ويسيطر على مشاعره. ويحرص على السيطرة على عواطفه، وردود أفعاله، خاصة مع التقلبات الطارئة والمفاجئة في سوق المال. وكلما كان المتداوِل قادرًا على ضبط انفعالاته النفسية عند الأزمات، كلما كان أقدر على اقتناص الفرص، واتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة، وفق رؤية استشرافية ناجحة لأسواق المال.
كما أن فهم طبيعة تذبذبات الأسعار في الأسواق المالية، والقدرة على تحمّل المخاطر. واختيار التوقيت المناسب لاتخاذ القرار الاستثماري. هي عوامل مهمة وحاسمة في اتخاذ القرار الاستثماري السليم، بالإضافة إلى ضرورة استعداد المتداوِل مسبقًا لسقف مريح من الخسائر الاستثمارية نتيجة تقلبات السوق الذي سرعان ما يتعافى في المستقبل.
إدارة العواطف
إدارة العواطف تعد عاملًا محوريًا في نجاح عملية التداول في الأسواق المالية. حيث تؤثر المشاعر والجوانب النفسية بشكل مباشر على أداء المستثمرين، وقدرتهم على دراسة الأسهم. والنظر بوضوح إلى أسواق المال، علاوة على أن سيطرة العاطفة على عقل المستثمر تحد من قدرته على التفكير السليم عند اتخاذ قرار الاستثمار.
بعكس القرارات الاستثمارية المستنيرة، والقائمة على دراسة استشرافية لسوق المال. فإن القرارات الناتجة عن ردود فعل عاطفية غالبًا ما تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة، و المتداول الذكي يفضل اتخاذ قرارات محسوبة عند كل عملية تداول. ويحرص على اجتناب ردود الأفعال غير المدروسة عند اتخاذ القرارات.
ختامًا فإن امتلاك المتداوِل رصيد نقدي حقيقي بعيدًا عن سوق المال. وامتلاكه خطة استثمارية واضحة يهتدي بها، يعينه على التحكّم بعواطفه عنج تقلبات الأسعار، ويقيه من سيطرة العواطف السلبية على قراراته الاستثمارية، ويوفر له أمانًا نفسيًّا يساعده في اتخاذ قرارات استثمارية ناجحة في أسواق المال المختلفة.
2 Comments
[…] اقرأ مقال: إدارة العواطف وعلم نفس التداول […]
[…] اقرأ مقال: إدارة العواطف وعلم نفس التداول […]
Comments are closed.